إعدامات جماعية.. منظمة حقوقية توثق 74 حالة خلال شهر واحد في إيران

إعدامات جماعية.. منظمة حقوقية توثق 74 حالة خلال شهر واحد في إيران
الإعدام في إيران - أرشيف

نفذت السلطات الإيرانية، منذ يوم 22 يونيو وحتى يوليو الجاري، حكم الإعدام شنقًا بحق ما لا يقل عن 74 شخصًا في عدد من السجون المنتشرة في البلاد، في تصعيد لافت لوتيرة الإعدامات خلال فترة زمنية قصيرة، ما يعكس اتساع نطاق استخدام العقوبة القصوى أداةً للردع والقمع.

وذكرت منظمة "هرانا" الحقوقية في تقريرها الشهري الصادر الأربعاء، أنها وثّقت خلال الفترة الممتدة من 22 يونيو حتى 22 يوليو، ما مجموعه 93 حالة متعلقة بالحق في الحياة.

وشملت الحالات الموثقة، تنفيذ 74 حكمًا بالإعدام، وصدور 17 حكمًا جديدًا، إلى جانب تأييد المحكمة العليا لحكم الإعدام بحق شخصين آخرين على الأقل.

أحكام ضد معارضين

أصدرت السلطات القضائية الإيرانية أحكامًا بالإعدام ضد خمسة معتقلين على خلفية مشاركتهم في احتجاجات حركة "المرأة، الحياة، الحرية" في مدينة أرومية، وهي الحركة التي اندلعت بعد مقتل الشابة مهسا أميني في سبتمبر 2022 إثر احتجازها من قبل شرطة الأخلاق، وامتدت إلى معظم أنحاء البلاد مطالبة بإنهاء التمييز والعنف ضد النساء.

وأضافت المنظمة أن ثلاثة معتقلين سياسيين آخرين من مدينة الأهواز أُدينوا بالإعدام كذلك، في مؤشر على استمرار استهداف النشطاء والمعارضين من القوميات المهمّشة، خاصة في إقليم خوزستان ذي الغالبية العربية، والذي يشهد بشكل متكرر تظاهرات ضد السياسات المركزية والتمييز الاقتصادي والاجتماعي.

قلق حقوقي 

حذّرت منظمة "هرانا" من أن تصاعد الإعدامات في إيران لا يُعدّ انتهاكًا جسيمًا للحق في الحياة فقط، بل يخلّف آثارًا اجتماعية ونفسية خطيرة داخل المجتمع، أبرزها تعميق مشاعر الخوف وانعدام الأمان، إلى جانب تكريس ثقافة العنف وتراجع الثقة العامة بالمؤسسات القضائية والأمنية.

وأشارت المنظمة إلى أن توظيف السلطة لعقوبة الإعدام، خصوصًا في القضايا ذات الطابع السياسي، لا يخدم العدالة بل يتحول إلى وسيلة لتصفية الخصوم وإخماد الأصوات المعارضة، وهو ما يتعارض مع المبادئ الأساسية لحقوق الإنسان وميثاق العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية.

ووثّقت "هرانا" خلال شهر واحد فقط ما مجموعه 2,492 حالة احتجاز في ظروف غير مناسبة من الناحية الصحية والبيئية، كما رصدت 102 حالة من عدم وضوح الوضع القانوني للمحتجزين، في إشارة إلى احتجاز العديد من الأفراد دون توجيه تهم واضحة أو عرضهم على محاكم عادلة.

وسجّلت المنظمة كذلك 100 حالة حرمان من حق الاتصال مع العائلة أو المحامي، و74 حالة انقطاع تام للأخبار عن المعتقلين، ما يشكل انتهاكًا صارخًا لمعايير المحاكمة العادلة، إضافة إلى 52 حالة من الضغط النفسي والجسدي الممنهج داخل أماكن الاحتجاز، و13 حالة حرمان من الرعاية الطبية، و11 حالة نقل إلى الحبس الانفرادي، و8 حالات إضراب عن الطعام احتجاجًا على المعاملة القاسية، فضلًا عن حالة قتل واحدة داخل أحد السجون لم تُحدد ملابساتها بعد.

عنف مفرط من الأمن

أدان التقرير استخدام القوة المفرطة والقاتلة من قبل القوات العسكرية والأمنية الإيرانية ضد المدنيين، حيث وثّقت "هرانا" مقتل 12 شخصًا على الأقل وإصابة 20 آخرين بجروح خلال الفترة ذاتها، بسبب إطلاق النار العشوائي أو أثناء عمليات أمنية غير مبررة.

وقُتل ثلاثة من العتالين -وهم من العاملين بنقل البضائع عبر الحدود- نتيجة إطلاق النار عليهم، في حين قُتل اثنان من ناقلي الوقود، وأُصيب آخرون من الفئتين بجروح خطيرة، بينما تسببت الألغام المزروعة في المناطق الحدودية بمقتل شخصين وبتر أطراف أحد المدنيين.

وأبرز التقرير حادثة إطلاق النار المروّعة التي وقعت في مدينة خمين، حيث فتحت قوات الحماية التابعة لأحد المراكز العسكرية النار على مدنيين، ما أسفر عن مقتل أربعة أشخاص، من بينهم طفلة تبلغ من العمر أربع سنوات تُدعى "رها شيخي"، في مشهد هزّ الرأي العام المحلي.

وفي حادثة منفصلة وقعت في منطقة "تاريك‌ دره" بمحافظة همدان، قُتل مواطنان، وأُصيب آخر بجروح برصاص القوات الأمنية، وسط صمت رسمي واستهانة واضحة بأرواح المدنيين.

دعوات للإصلاح والمحاسبة

أنهت منظمة "هرانا" تقريرها بدعوى ملحة لإجراء إصلاحات عميقة وشاملة في البنى القضائية والأمنية الإيرانية، باعتبارها الجذر الأساسي لهذه الانتهاكات المتكررة. 

وشددت على ضرورة محاسبة المتورطين في الجرائم ضد المدنيين، بدءًا من منفذي الإعدامات ووصولًا إلى القيادات الأمنية التي تصدر أوامر القتل خارج القانون.

وشجّعت المنظمة الهيئات الدولية، لا سيما الأمم المتحدة والمنظمات الحقوقية العالمية، على مواصلة الضغط على طهران لوقف انتهاكاتها، والعمل على توفير الحماية للضحايا وتوثيق الجرائم بما يكفل العدالة للضحايا وأسرهم.



موضوعات ذات صلة


ابق على اتصال

احصل على النشرة الإخبارية